مكانة اللسان العربي عند العلماء الأمازيغ: محمد المختار السوسي نموذجًا
مقال بمناسبة الذكرى 54 لوفاته
إسماعيل علالي
خَلَّفَ محمد المختار السوسي –رحمه الله- مؤلفات كثيرة ، أَوْصَلَهَا محمد خليل 1 إلى أربعة وسبعين مُؤَلَّفًا مابين مطبوع ومخطوط. وأغلبها يدل على تنوُّع معارف المختار السوسي وحَذَقِهِ في الفنون المختلفة، ويشهد بهذا دليل مؤلفاته 2 الذي يحتوي على مصنفات في التاريخ والأدب والنحو واللغة والفقه والتراجم والرحلات. وغيرها من الفنون التي تدل على ثراء علمي تميَّزت به شخصيته، لكنَّ مِمَّا يُلْفِتُ النظر أن أغلب الدراسات التي خصَّت تُراث المختار السوسي بالبحث والدراسة قد ركَّزت-في الغالب- على جانبين اثنين هما(الجانب التاريخي) و(الجانب الأدبي)، وبذلك بَقِيَتْ جوانب كثيرة من مدارِكه وإنتاجه العلمي مجهولة عند القراء، وفي حاجة إلى مزيد من الدراسة والتَّمحيص.
ومن بين هذه الجوانب العلمية التي لم تَنَلْ حقَّها من البحث المُستَفيض والدِّراسة المُتأنية، الجانب اللغوي إذ عرفنا المختار السوسي مؤرخا وأديبا وشاعرا وفقيها، لكنَّنا لم نعرفه باحثا لُغويا بالقدر المطلوب، رغم إجماع أغلب الدارسين والمهتمين بإنتاجه المعرفي على عُلُوِّ كعبه في علوم اللسان العربي ونبوغه في إقراء اللغة العربية.
فالإشادات التي تشيد بتمكنه وضلوعه من لُغة الضاد كثيرة كَثْرَةَ الدراسات التي تناولت إنتاج المختار السوسي. لكنها-فيما يبدو-لا تخرج عن كونها أوصافا وتحليات هي أقرب إلى المديح لا إلى الدراسة التوصيفية التطبيقية.
وسنحاول في هذا المقال إبرازَ الجانب البحثي اللُّغوي الدال على تعمق المختار السوسي في مباحث الدرس اللساني وذلك من خلال النواحي التالية:
1*من ناحية الضبط والتحقيق:
ونسوق لِبَيان هذه الناحية بعض المقاطع النصية الواردة في كتاب (المعسول) وهي:
-ماجاء في البيان الذي أورده مباشرة بعد خلوصه من مقدمة (المعسول) حيث بين فيه طريقته في ضبط أسماء الأعلام الشَّلْحِيِينَ تجنُّبا لِلتَّصحيف والتحريف وحِرصا على سلامة النطق، حيث قال:”غالب الأعلام في لُغة الشَّلحة لا يُنطَق بها كما هي عند أهلها إلا مضبوطة مشكولة ، وحين كان ذلك الآن كالمتعذر في مطابعنا العربية المغربية سلكتُ الطريقة التي تعتاد في أخوات الشَّلحة من اللغات العَجَمِيَّةِ:فأجعلُ الألفَ مكان الفتحة والواو مكان الضمة والياء مكان الكسرة، وكل حرف ليس أمامه ألف أو واو أو ياء فإنه مُسَكَّنٌ فمثلا تجد(تَمَنَرْتْ) في أقلام الكاتبين السُّوسيين فلا تهتدي إلى قراءتها، ولكن إن كتبَها هكذا(تَامَانَارْتْ) فإنك تفتح التاء والميم والنون وتُسَكِّنُ الراء، فإذا بك نطقت بها نُطقا صحيحا…وبهذه الطريقة يستغنى عن شكل ألفاظ شلحية لا حصر لها”3، أما الحروف التي تَرِدُ مُشَدَّدَةً فقد بيَّنها بالكتابة في آخر كل جزء مع ترتيب”..الأعلام التي فيها الحرف المُشَدَّدُ على حروف المعجم باعتبار أول الكلمة”4.
-ماقاله حين شرحه لمعنى كلمتي(إِلْدِ) و(تِزِبَّا) الواقعتين في بيت شعري من قصيدة نظمها مخاطبا بها أهله حيث ضبط شكل اللفظتين قائلا:”(إلد) بكسر الهمزة وسكون اللام وكسر الدال، و(تزبا) بكسر التاء والزاي، ثم باء مفتوحة مشدودة:نوعان من المقاليع…”5.
-ومن دلائل ضبطه وتحرِّيه الصحة اللغوية، وضعه لفهرس الخطأ والصواب في آخر كلِّ جزء من أجزاء(المعسول) حيث نجده يُنَبِّهُ على ماوقع من أغلاط قائلا:”هذه هي الأغلاط التي وقفتُ عليها وقد يكون هناك أخرى فالقارىء النَّبيه لا تخفى عنه” 6.
هذه النماذج التي مثَّلنا بها لِبيان هذه الناحية، تكشف لنا عن أهمية السَّلامة اللغوية عند المختار السوسي، وهذا التَّحري والضبط والتحقيق لا يصدر إلا عن لغوي عارف بمشاكل التصحيف والتحريف وغيرهما من الأخطاء اللغوية التي تَشِينُ الكتب وتُشَوِّهُهَا.
2*من الناحية الصرفية والنحوية:
تَتَكَشَّفُ لنا هذه الناحية التي تُبرز تفقُّهَ المختار السوسي بعلمي الصرف والنحو وغوصه في مسائلهما من خلال مجموعة من النصوص الواردة في مؤلفاته.
ونمثل لهذه الناحية- على سبيل المثال لا الحصر- بما يلي:
– الكتابان اللذان ألَّفهما في هذين العلمين وهما:(دروس في التصريف) وكتاب(النحو المبسط)7 اللذان لم يخرجا إلى الوجود إلى الآن.
ومن النصوص الدالة على هذه الناحية كذلك نذكر:
-ماقالَه وهو يتحدث عن الدروس المُلقاة في معتقل(أغبالو نكردوس):”وأما العبدُ الضعيف-ويقصد المختارالسوسي نفسه-فقد جال إذ ذاك مع هؤلاء المبتدِئين في دروس خاصة لم يلتزِمْ فيها كتابا على السَّنَنِ الذي كان جرَّبَّهُ في تعليم الكبار….فأثمر ذلك فيهم غاية، ثم درس التصريف مع طبقة علي بركاش ومحمد الحلو والمُحَمَّدِي وابن علال ومولاي الحسن الأَدْزْرِي8…وهذه الدروس مجموعة لِتكون كأثر من آثار أغبالو نكردوس، تحتوي(26) درسا كبيرا، حاول فيها استخلاص كل مايحوم حول التصريف للكلمة من بين ما يذكر النحويون، أفعالا ومصادر ومشتقات، وتصريف الأفعال على أنواعها مع الضمائر، والمفردات والمُثَنَّيَاتِ والجموع على أنواعها، والتصغير والنسب، إلى بعض مايتخلل الألفاظ المعللة من الإعلال، وقد أَجْتَهِدُ أن يكون مقصورا في الكتاب على القياس لِيَنْتَفِعَ به المبتدئون”9، “..ودَرْسٌ آخر مُحْدَثٌ من النحو كالثانوي افْتَتَحْتُهُ مع ابن سالم وميمون وعمر أبو الطيب والمدني وبَرُّو أَكْتُبُهُ لهم وأُعطيهم التمارين في وقائع من تواريخ المغرب10…وكذلك أقرأتُ البيان بعلومه الثلاثة… وهناك دروس من اللغة ومن الأدب تمشَّيتُ فيها ماشاء الله …”11 ، وكذلك قوله:”…وفي العاشرة الدروس النحوية مع طبقتي التي لازمتني منذ يوم تنظيم الدروس…فإنها طبقة انْتَفَعَتْ كثيرا في النحو خصوصا من حاول منهم التلاوة والتطبيق خارج الدرس” 12.
ومن المقاطع النصية التي تكفينا شهادة على تبحُّر المختار السوسي وغوصِه في مسائل علمي النحو والصرف شهادته التي وردت في كتابه )معتقل الصحراء( حيث قال –وهو المعروف بتواضعه-:” فوالله لو كان لي في هذا المعتقل رأي وحدي ، لَخَرَّجْتُ في العربية هؤلاء-ويقصد من كان يدرسهم في المعتقل- تخريجا يضرب بهم المثل…” 13.
إذن فهذه النماذج التي مثَّلنا لها -على سبيل المثال لا الحصر- تكشِف لنا عن سَعَةِ علم المختار السوسي بعلمي الصرف والنحو إقراءً واستحضارا لمسائلهما لدرجة الاجتهاد في التَّلقين كما تشهد به النصوص المبثوثة في مؤلَّفاتِه.
3* من الناحية المعجمية:
يكفي النظر في هوامش كتاب (المعسول ) لبيان هذه الناحية المعجمية ، حيث لم يترك لفظا ولا معنى ولا تركيبا غامضا إلا شرحه وبيَّنه واستشهد له بِمحفوظه من القرآن الكريم والأحاديث النبوية والشعر والأمثال .
وهذه الناحية اللغوية المعجمية نتلمسها –على سبيل المثال– من خلال تعريفه لِلألعاب السوسية وشرحها، إذ نجده يذكر اسم اللعبة في لغة الشَّلحة السوسية، ومُقابِلَها عند العرب مع الاستدلال على ذلك بالشعر عند إمكانية ذلك. ومثال هذه الناحية قوله:”شْلُوكْ:لعبة تكون بِنَوَى التمر14، يأخذ اللاَّعب نوى في باطن كفِّه، فيسأله صاحبه ، أشفع أم وتر ، ثم يقرص على ظهر كفه كلما أخطأ، وتسمى اللعبة عند العرب (خَسَازَكَا) قال الشاعر :
وَشَرُّ أَصْنَافِ الشُّيُوخِ ذُو الرِّبَا************أَخْنَسُ يَحْنِي ظَهْرَهُ إِذَا مَشَى
الزُّورُ أَوْ مَالُ الْيَتِيمِ عِنْــدَهُ*************لَعِبُ الصَّبِيِّ بِالْحَصَى خَسَازَكَا”15.
وقوله أيضا شارحا اسم لعبة من ألعاب السوسيين:” الْأَسْدَاءُ: تقول العرب (أسدى الصبيان واستدُّوا:إذا كانوا يلعبون بالجوز) وصبيان إلغ إنما يلعبون بالحصى، ولِتشابه الملعوب سمَّينا هذا اللعب هذا الاسم……وتسمى هذه اللعبة (أَكْنْتْرْنْ)”16.
وقوله معلقا على لفظة (الرَّدْغُ) الواردة في بيت شعري من قصيدة شيخه الطاهر الإفراني(شاعر الجنوب وعلامة سوس ومفخرة الأدب الإلغي)، والبيت الذي وردت فيه اللفظة هو:
إِذَا أَشْمَسَتْ أَرْجَاؤُهَا قُلْتَ إِنَّهَا*****************فَتَاةٌ عَلَى أَعْطَافِهَا صُفْرَةُ الرَّدْغِ17
فَعَقَّبَ عليه السوسي قائلا:”الرَّدْغُ :الوحل، هكذا في أصول اللغة.)القاموس( وشرحه، لايتمُّ التشبيه به إلا إذا كان معنى الردغ ماله لون خاص كالزعفران مثلا. ثم وقفتُ على أن هذا المعنى في الرَّدْعِ بالعين لا في الرَّدْغِ بالغين. ولا أدري ما وقع لشيخنا مع أنه يَتَثَبَّتُ في اللغة”18.
فهذا التعليق يَنِمُّ عن المحصول المعجمي عند المختار السوسي حيث نجده يتحرى الدِّقة في تَخَيُّرِ اللفظ انطلاقا من معناه ومايفيده عند النظم، ولِأجل هذا التحري -الذي لا يكون إلا من لُغوي طالت معاشرته للمعاجم العربية وحذقه بدلالات الألفاظ المختلفة-حكم على زَلَلِ شيخه في توظيفه لِلَفْظَةِ (الردغ) في هذا البيت.
ومن أبرز الدلائل على هذه الناحية المعجمية عند المختار السوسي، وضعه لقاموس صغير تتبَّع فيه الألفاظ العربية الرائجة في الشَّلْحَةِ السوسية الذي قال عن طريقة ترتيبِه:” إنَّنِي سأتتبَّعُ إن شاء الله حروف المعجم، بِجعل الحرف الأول أساسا بالأبواب، ثم الثالث فصولا، وفي أثنائه فصول الثاني من غير أن نعتني بترتيب العين من الكلمات والاعتماد على مبدإ الكلمة هو الطريقة التي وقع عليها الاستحسان”19، وبيَّن الأستاذ عبد الوافي المختار السوسي طريقة والده قائلا:”…وطريقته في هذا الكتاب هو أنه يأتي بالكلمة الشلحية ويتتبَّع مشتقاتها، وفي الكلمات المتصرفة منها يذكر المصدر والمضارع والأمر واسم الفاعل…وغالبا ما يُتْبِعُ ذلك بمثل شلحي مضبوط ومُشكل تكون الكلمة المذكورة مِحوره ثم يأتي بشرحه بالعربية”.
إذن فهذه النماذج –التي مثلنا بها لبيان هذه الناحية- تكشف لنا عن أهمية البحث المعجمي عند المختار السوسي وعنايته به.
4*من ناحية خوضه في مجال اللسانيات الاجتماعية:
يرجع الفضل في الإشارة إلى هذه الناحية للأستاذ رضى الله عبد الوافي المختار السوسي، الذي ذكر في الدليل(دليل مؤلفات المختار السوسي) بحثا لسانيا للمختار السوسي نشر بعد وفاته في(العدد الثاني ليناير في مجلة اللسان العربي لمكتب تنسيق التعريب) وهو عبارة عن مقالة تُبرز مدى تَأَثُّرِ السوسيين باللغة العربية، والألفاظ التي هي أصلا عربية ولكنها دخيلة في الشلحة السوسية21، ولِلتَّدليل على خوض المختار السوسي في مجال اللسانيات الاجتماعية يكفي سرد بعض النصوص الواردة في بحثه اللغوي المعنون بـ(تأثير العربية في اللهجة الشلحية)، ومن ذلك قوله مبرِزا هذا التأثير-أي تأثير العربية في الشلحة السوسية-:”إذا أردنا أن نعرف مقدار مافي الشلحة من عربية فلنتتبَّع المصطلحات المتعلِّقة بالمنزل واللباس والمركوب وأحوال الإنسان وماإليها من ملابسات شخصية، فإننا سنلمس هذا التأثير القوي ففي المنزل مثلا نلاحظ توافر الألفاظ منها:الموضع والبيت والباب والعتبة والشرجب والقفل، والمقصورة…والصهريج والساقية والجابية والحانوت والقوس…والمِلحفة والإزار والزربية….”22 وقوله:”…وهكذا نجد في كل ناحية من مناحي حياة الشلحيين ألفاظا عربية كثيرة التداول في كلامهم، منها ماهو جامد لا يدخلها التصريف ومنها مايدخلها التصريف فيأتون بالماضي والمضارع والأمر والوصف والمصدر…..وهذا التأثير يقوى في الكلمات الدينية التي هي سَيْلٌ طافح ، فقد الْتَهَمَتِ الشَّلحة كل الألفاظ التي تؤدي المعاني المتعددة في الصلاة والزكاة والصوم والحج، فَشُلِّحَتْ كلُّها فأنت مثلا تسمع تِمْزْكِيدَ أو تَزَلِّتْ وتَلْفْطْرْتْ فتعلم أن أصلها المسجد والصلاة والفطرة التي يقصدون بها صاع زكاة الفطر. وهذا الباب الديني كثير جدا وغالبه مُعَرَّفٌ بأل واللام حتى صحَّت القاعدة التي تقول:إن كلَّ لفظة جامدة في الشلحة بدأت بالألف واللام فإنها عربيَّةُ الأصل، وربما شَلَّحوا جملا عربية تامة…ومِمَّا اتفقت فيه اللغتان (كاف) الخطاب فإنه يُستعمل في الشلحة استعماله في العربية وكذلك (ما)الاستفهامية…”23 ، وقد حاول المختار السوسي تحليل العوامل التي انتشرت بها العربية ذلك الانتشار في شلحة السوسيين من خلال تقسيمه الألفاظ التي قام بجمعها إلى ثلاثة أقسام بيَّنها بقوله:”القسم الأول: ماجاء عن طريق الدِّين من كلِّ أسماء أدوات المنزل واللباس وآلات الأعمال التي نزاولها، ومن أسماء الأشجار والعلوم التي انتشرت بانتشار تلك الْمَدَنِيَّةِ، فهذا القسم تسرَّب من مُؤَلَّفات العلوم ومَدارِس الدِّين والمخالطة في الأسواق والمقايضة في المتاجر….أما القسم الثاني: فهو ما أراه قديما عند الشَّلحيين مِمَّا سبق الفتح الإسلامي، ويظهر لي أنَّه مُتأصِّلٌ في اللُّغة الشَّلحية، لأنني لا أعرفُ مايقوم مقامَ تلك الألفاظ عندهم مع ملاحظة أنه لابدَّ من تلك الألفاظ لأيِّ أمَّة، ولو كانت لا تزال من الهمجية الأولى في الدَّركات. وذلك كالموت والحياة والدم والريح والأب والأم والصوت والبر والبحر والقُرب والبعد، وهي ألفاظ تصِل عندي الآن إلى مائة كلِمة ولا أعلم لها مُرادفا شَلْحِيًّا يمكن أن نقول إنه الأصل الأصيل، ويكون الآخر من الدخيل…وكون أمثال هذه الألفاظ أقدم من الفتح الإسلامي هو الراجح عندي وأكاد أجزم به، ثم لا أدري أهي ألفاظ غُمِرَتْ مرادفاتها من الشَّلحة منذ تسرَّبت من العربية القديمة على عهد الفتح الأول لِلْفِنِيقِيِينَ الذين نعرف من هم بالنسبة لأبناء الجزيرة العربية وهم من أبنائها الصَّميمين؟ أم هي ألفاظ قديمة في اللغة الشلحية؟ فتكون حجَّة لِلمؤرِّخين24 الذين يؤكِّدون أن البَرْبَرَ موجةٌ من موجات الشرق في عصور ماقبل التاريخ.
أما القسم الثالث : فهي ألفاظ تتردَّد مابين هذين القسمين ولا يترجَّح فيها جانب على آخر”25
إن في هذه المقاطع النصية التي اقتطفناها من مقال (تأثير الألفاظ العربية في اللهجة الشلحية) لَدليلا واضحا على سبق المختار السوسي لهذا النوع من الدراسة اللسانية –أي اللسانيات الاجتماعية- حيث خاض في هذا الميدان-كما بيَّنا- واللسانيون المغاربة في بداية الاحتكاك بالمدارس اللسانية الغربية خاصة في نسختها البنيوية.
وصفوة القول في هذا المقال :هي أن هذه النواحي التي مثلنا لها ببعض النماذج المقتطفة من بعض مؤلفات المختار السوسي لخير دليل على أن الجانب البحثي اللغوي عنده، جانب مُهم من جوانب شخصيته العلمية ومبحث بكر لايزال في حاجة إلى من يُعمِّق البحث فيه عن طريق استقراء مؤلفات المختار السوسي –رحمه الله-واستنباط الدلائل التي من شأنها إضاءة هذا الجانب، ولم لا إبراز جهوده واجتهاداته المبذولة في تيسير إقراء علوم العربية وبيان منهجه في ذلك.