المغرب يخلد الذكرى الخمسين لوفاة العلامة المختار السوسي – ذاكرة وعبر –

Home / المقالات / المغرب يخلد الذكرى الخمسين لوفاة العلامة المختار السوسي – ذاكرة وعبر –
المغرب يخلد الذكرى الخمسين لوفاة العلامة المختار السوسي – ذاكرة وعبر –

   

 كما هو معلوم، عرفت سنة 2014 تخليد بلادنا الذكرى الخمسين لوفاة العلامة الجليل والأديب النبيل، صاحب التآليف النافعة والوطني الغيور على دينه ومحبة وطنه المرحوم برحمة الله تعالى الفقيه محمد المختار السوسي رحمة الله تعالى وأعلى منزلته في الصالحين والذي التحق كما هو معلوم بالرفيق الأعلى سنة 1963.

       إن الوفاء لهذا الرجل الفذ من لدن وطنه  يستحق منا جميعا كل تنويه واعتزاز وكيف لا وهذا العالم المغربي السوسي والمعتز بكونه أمازيغيا حتى النخاع وهو المحب والبارع للغة الضاد، لغة الجنة التي ألف بها نفائس الكتب في الأدب والنثر واللغة والعلم والسياسة والتاريخ والفقه والتراجم والوطنية بالإضافة إلى الثقافة الشعبية.

       ولقد شاءت الأٌقدار الربانية وبتشجيع ومرافقة صادقة للإبن البار للمحتفى به جزاه الله خيرا الصديق الأعز سيدي أحمد رضا لله أن أحضر وأتابع وأشارك في كل سلسلة الندوات العلمية  الهادفة والتظاهرات واللقاءات الثقافية والفكرية في سائر المحطات الخمس في ربوع الوطن الحبيب.

 المحطة الأولى: مدينة ابن جرير

 

       نظمت جمعية علماء سوس وعمالة إقليم الرحامنة والمجلس العلمي والمجلس البلدي ومندوبية الشؤون الإسلامية وعائلة المحتفى بهم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة محمد السادس ندوة علمية حول موضوع: “مدرسة القائد العيادي للتعليم العتيق بابن جرير: تاريخ وأعلام تكريما لأعلام المدرسة إبراهيم بن أحمد المرشد – سالم بن يعيش ومحمد منتصر. وذلك  يوم 17 محرم 1435 موافق 21/11/2013 بقاعة الندوات للمكتب  الشريف للفوسفاط –

       وللتذكير، فإن سيدي المختار السوسي رحمه الله هو الذي اقترح على القائد العيادي رحمه الله والذي كان آنذاك ذا سلطة وجاه ومال في منطقة الرحامنة بناء المدرسة التي أدت ولازالت تؤدي راسلتها العلمية وأتى الفقيه سيدي المختار بابن عمه سيدي إبراهيم المرشد كمسؤول ومدرس بالمدرسة كما أتى بالأستاذ المنتصر من أسرة العلم الإلغية.

–         قد ختمت الندوة برسالة الشكر والولاء لأمير المؤمنين صاحب الجلالة محمد السادس أيده الله.

المحطة الثانية: الدار البيضاء

 

الندوة العلمية الأولى:

  • نظمت جمعية تاكضيشت للتنمية والتضامن بإدوسملال ندوة علمية تحت عنوان إداوسملال المسار التاريخي والعطاء الفكري بمسرح محمد السادس بالدار البيضاء يوم 23/02/2014.

 

الندوة العلمية الثانية:

  • نظم المجلس العلمي لعمالة مقاطعات مولاي رشيد يوم الأربعاء 07/05/2014 بالمركب الثقافي مولاي رشيد ندوة علمية في موضوع: “هم العلامة محمد المختار السوسي في الذكرى الخمسين لوفاته تحت شعار: “يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات” صدق الله العظيم.

        وتضمنت  الندوتان كلمات حول المحتفى به وقدمت قراءات في بعض مؤلفات محمد المختار السوسي (قطائف اللطائف – المجموعة الفقهية في الفتاوي السوسية – مشيخة الإلغيين من الحضريين – السيرة الذاتية للعلامة) كما تم تكريم عددا من تلاميذ المحتفى به وبعض الشخصيات في مجال الأعمال والتجارة والإعلام.

 

المحطة الثالثة: مراكش

 

     في يومي 4 و 5 أبريل 2014 نظمت المديرية الجهوية للثقافة وخزانة ابن يوسف بمراكش بدار الثقافة الداوديات ندوة علمية في موضوع “المختار السوسي في مراكش“.

وقد قدم المحاضرون والجامعيون كلمات وآراء حول ما قام به هذا العالم الجليل الذي أحب مدينة مراكش حيث أخذ عن علمائها ودرس بمدرسة الرميلة باب دكالة  علما بأن والده المرحوم الشيخ الحاج علي الدرقاوي سبق له أن أسس الزاوية الدرقاوية بمراكش التي كانت تضم عددا من المدرسين والفقهاء وتعطى بها الدروس.

 وبالمناسبة أرجو الله تعالى أن تتضافر الجهود بين الورثة حتى تعود المدرسة والزاوية إلى سابق عهدها.

     وبمناسبة هذه الندوة، قدمت شهادات وارتسامات من طرف طلبة المحتفى به أمثال السيد الدفالي والسيد بلقزيز، كما قدمت شهادات من طرف الشاعرة المراكشية السيدة مليكة العاصمي لما كانت تلميذة بمدرسة الفضيلة بمراكش في أربعينيات والزيارات التي كان الفقيه يقوم بها من حين لآخر لهذه المدرسة والتشجيعات من أجل الكد والجهد والحوارات التي كان يجريها مع الطلبة والطالبات.

المحطة الرابعة: تارودانت (رودانة)

 

      انعقدت تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة محمد السادس نصره الله يومي 13 و 14 رجب 1435 الموافق 13 و 14 مايو 2014 بقاعة الندوات لمدينة تارودانت ندوة علمية من تنظيم جمعية  عمالة اقليم تارودانت وجمعية علماء سوس ومؤسسة سوس للمدارس العتيقة إحياء للذكرى الخمسين لوفاة العلامة محمد المختار السوسي رحمه الله تحت عنوان “العلامة محمد المختار السوسي نموذج العالم المغربي المصلح”. وكانت هذه الندوة تتويجا لسلسلة الندوات السالفة الذكر حيث تحدث العديد من الباحثين والأساتذة عن هذا العالم الشهم الفذ ومن الحاضرين الأستاذ فاروق النبهان مدير سابق لدار الحديث الحسنية وعضو أكاديمية المملكة المغربية الذي ألقى كلمة بهذه المناسبة. وقد ألقيت كذلك كلمات من طرف ممثل عامل صاحب الجلالة ورئيس بلدية تارودانت ورئيس المجلس العلمي ورئيس جمعية علماء سوس كلهم أجمعوا على المكانة المتميزة لهذا القطب الفريد بعلم وغزارة تآليفه في شتى المجالات.

       وكان مسك الختام رفع البرقية السامية إلى أمير المؤمنين صاحب الجلالة محمد السادس حامي العلم والعلماء أيده الله.

 

استنتاجات وعبر واقتراحات:

 

       خلال المحطات السالفة الذكر يمكن استخلاص ما يلي:

       أولا: أهم الحكم والعبر أن المغرب تحت القيادة الرشيدة والسديدة لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس أيدة الله الملك المجدد والساهر على تنمية وسعادة وطنه وشعبه والذي يولي لكافة المواطنين والمواطنات وخاصة العلماء المخلصين عناية فائقة ورعاية سامية.

       ثانيا: بعد خمسين سنة عن وفاة هذا العالم الشامخ لازال صيته ولازالت الدراسات والبحوث لم تحط بكل جوانب هذه الشخصية العلمية الفريدة والناذرة.

       ثالثا: يمكن اعتبار الفقيه العلامة محمد المختار السوسي رحمة الله عليه شخصية علمية ناذرة كما أن مؤلفاته هي البوابة الإجبارية للباحثين والعلماء الراغبين في الإطلاع على تاريخ منطقة سوس من الخاصية العلمية والأدبية والتاريخية من حيث رجالات العلم والمدارس العتيقة المنتشرة في أرجاء سوس العالمة.

       رابعا: لقد أكدت كلمة الاختتام الدكتور اليزيد الراضي أعمال الندوة الأخيرة بتارودانت وكل الندوات السابقة بأنها ناجحة بامتياز وأشار أن كل الندوات كانت جد موفقة ومبرزا أن الاحتفاء بهذا الرجل الذي كرس حياته لخدمة الدين والعلم والوطن حقق مبتغاه وهو الاعتراف من لدن الوطن بالخدمات الجليلة للراحل الذي لازال في وجداننا يذكر صيته ونظرا لتعدد شخصيته هذا العالمل الشامخ فهو أديب بارز مضلع في اللغة العربية وفي علم الدين والشريعة. وتعدد المجالات التي تطرق لها، فإننا لا زلنا في حاجة إلى المزيد من الدراسات والبحوث علما بأنه توفي وعمره 63 سنة وقد ترك للأجيال ما يفوق 150 عنوانا من مؤلفاته منها ما طبع وما لم يطبع بعد.

       خامسا: رجاء من الله تعالى أن يوفق أسرة الفقيد ويوحد كلمتهم وتتضافر جهودهم للعمل على الإسراع بطبع ونشر هذا التراث الغزير تعميما للفائدة وحتى لا تبقى المخطوطات التي ناضل فقيهنا العزيز رحمه الله من أجل كتابتها في الرفوف دون طبعها ونشرها على أوسع نطاق و يستفيد منها العباد والبلاد. وفي هذا الصدد وأثناء ندوة تارودانت تقدم أحد المحاضرين الأستاذ الصقلي من جامعة القرويين بفاس باقتراح هام  يستحق الدراسة وهو تأسيس مؤسسة Fondation محمد المختار السوسي لنشر التراث والدراسات والأبحاث على غرار مؤسسة علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد.

       وقد استحسن الحاضرون هذا الاقتراح وأرجو أن يرى النور بتنسيق وتعاون مع كل الجهات والأطراف المعنية وفي مقدمتهم ورثة المحتفى به و جمعية علماء سوس والمجلس العلمي لتارودانت ومؤسسة المدارس العتيقة وأصدقاء ومحبي والأساتذة الباحثين المهتمين وكذا مع رجال الأعمال الغيورين على منطقة سوس مع عدم ضياع حقوق ورقة هذا العالم الجليل الذي ديع صيته وأصبح تراثه إرثا للمغاربة جميعا بل للبشرية قاطبة.

 

الأساتذة والعلماء الأجلاء

أيها الحضور الكرام

        لا تفوتني الفرصة من جديد دون أن أجدد الشكر والثناء للولد البار سيدي أحمد رضا الله على مجهوداته القيمة والمتواصلة لنشر تراث والده بالطرق الحديثة للتواصل بواسطة الانترنيت حيث كما تعلمون أنشأ سنة 2011 موقعا الكترونيا http:/www.mokhtarsoussi.com يتضمن كل من طبع أو نشر أو كتب حول هذا العالم والحقيقة أن هذا المتحف الافتراضي Virtuel في انتظار بناء المتحف في الارض التي اقتنتها جمعية الوفاء لبناء ورعاية متحف المختار السوسي بهذه البلدة الطاهرة العلمية بلدة دوكادير ييلغ.

       والحقيقة أن إنشاء هذا الموقع الالكتروني Site فكرة رائعة بنائة حيث أنه موجه بالدرجة الأولى للشباب من طلبة وأساتذة وباحثين الشغوفين بالآلات والتقنيات الحديثة للتواصل (N.T.C) علما بأن الشباب هو عماد المستقبل وكدليل على نجاح هذا المشروع منذ إنشائه كما ذكرت سنة 2011 أن عدد الزيارات للموقع منذ إنشائه تجاوز 450.000 زائر أي بمعدل 100.000 زائر كل سنة وهي وثيرة مشرفة بالإضافة إلى الاتصالات الهاتفية بالجمعية المشرفة على المتحف (جمعية الوفاء).

        وبعد زيارة منزل الحاج علي الدرقاوي قرية دوكادير صحبة الأستاذ أحمد رضا الله بعد عودتنا من لقاء تارودانت وهو منزل ذو ذاكرة ادخل له الماء والضوء وأعطي له وعود بترميم وإصلاح هذا المنزل الذي قضى فيه العلامة المختار السوسي مدة 9 سنوات بعد نفيه من طرف الاستعمار الفرنسي إلى قريته وكانت نقمة في طيها نعمة حيث تمكن هذا العالم من تأليف عدة كتب تتعلق بتاريخ سوس عامة وبالتاريخ الإلغي على الخصوص كما بدأ في تدوين الموسوعة التاريخية المشهورة المعسول الذي يتضمن كما تعلمون 20 جزء ويستهدف  نفض الغبار عن تراث المنطقة وجمع تاريخ التراث السوسي.

       والشكر موصول كذلك إلى الإبن البار الوفي الأستاذ عبد الوفى رضا الله وهو آخر العنقود ضمن أبناء هذا العالم الفذ وهذا الابن وهب حياته لخدمة تراث أبيه بتحقيق ومراجعة وجمع وطبع، بمساعدة من بعض الجهات المحبة لهذا القطب وعلى الخصوص السيد الحاج ابراهيم أباعوص أوعيسى التيمولايتي جزاه الله خيرا.

        تغمد الله برحمته الواسعة العلامة محمد المختار السوسي فقيد الثقافة المغربية على الخصوص وجزاه الله خير الجزاء على ما أسداه لوطنه ولأمته من أياد علمية بيضاء وإلى جانب كفاحه الوطني من أجل حصول المغرب على الاستقلال. (فلنقرأ الفاتحة على روحه الطاهرة جزاكم الله خيرا)

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

وشكرا على إصغائكم مع المعذرة إذا أطلت

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

نص كلمة السيد بلقاسم امحمد اكناو 
 إطار متقاعد، فاعل جمعوي وباحث