صدر منذ أيام كتاب جديد من مؤلفات العلامة المؤرخ الكبير محمد المختار السوسي، وهو ديوان والده الشيخ الإلغي علي بن أحمد الدرقاوي المتوفى سنة 1328هـ، وقد صدر هذا الكتاب النفيس
بعناية ابن المؤلف، المكلف بنشر تراث والده ومحافظ خزانته، الأستاذ عبد الوافي رضى الله، وقد اعتاد أن يتحفنا فينة بعد فينة بنفائس والده الفكرية التي مازالت لم تطبع بعد، فصدرت كتب متعددة تترى فمن السيرة الذاتية إلى مشيخة الإلغيين من الحضريين إلى الرؤساء السوسيين إلى الجزء 2 من معتقل الصحراء إلى النهضة العلمية في جزولة.. وقد أشرف الناشر على هذه الكتب بحماسه المعهود وتدقيقه وتنقيبه، وها هي آخر نشراته، هذا الديوان النفيس لجده أحد أقطاب التصوف في المغرب وفي الغرب الإسلامي عامة. وقد عُلم ما بين التصوف والشعر من أواصر التلازم، ولم يكن الشيخ الإلغي شاعرا متفرغا للشعر، ولكنه درس بمدارس سوس العتيقة، ففقه العربية وتمكن من علومها وأسلوبها، واطلع على ما ألف طلبتها – أو على الأقل طلبة المهتمة منها بالأدب- أن يطالعوه ويطلعوا عليه من مصادر الأدب والشعر والنثر، ثم دفعه طموحه إلى أن لا يقنع بمرتبة المعرفة اللغوية والأدبية – مهما كانت عميقة – فتعالى إلى الإبداع، ومعاطاة القريض، وكان له شيوخ وأقران ومجاورون يعاطيهم ويعاطونه، كؤوس الشعر مترعة، ويساجلهم ويردون عليه، فكان الشعر يسعفه متى أراد، غير أن اشتغاله بالفقراء والأذكار والزوايا، لم يترك له متسعا من الوقت للإبداع، فلم يعط الشعر كل وقته، فكان إنتاجه منه قليلا، وإن كان نفسه في بعضه عاليا كما ذكر نجله العلامة السوسي، معلقا على بعض أبياته قائلا: “وهذا من الشعر العالي، والدر الغالي، والنفس البعيد المنال، ولكل مقام مقال.”
فهذا الديوان إذن إضافة إلى تراثنا الشعري المغربي، وخطوة مباركة جديدة من خطوات أنجال العلامة السوسي الكرام في نشر تراث والدهم والحرص على إخراجه وتمكين الباحثين والمهتمين من الاطلاع عليه والاستفادة منها، خاصة نجله البار الكريم الأستاذ عبد الوافي رضى الله، الذي يستحق كل تسجيع وتنويه على صبره ودأبه على النظر في المخطوطات والتنقيب فيها، وإخراج النصوص وكتابتها وتنقيحها، والإشراف على الرقن والطبع، حتي يخرج الكتاب في أجمل حلة وأحسن حال، جزاه الله خيرا وبارك جهوده وجهود إخوانه كل في مجاله للتعريف بتراث والدهم الوطني المفضال والعلامة المغربي الغيور، ونحن في انتظار الجديد من هذا التراث الغني لنطالعه ونستشف منه ما يربي الذوق وينفع الفكر ويثري الوجدان ويغذي العواطف بمحبة الأوطان والتشبت بقيم الأمة في زمن نحن في أمس الحاجة فيه إلى الاعتصام بتراثنا والتمعن في خبرات أجدادنا لعلها تقودنا إلى بر الأمان.
لمزيد من المعلومات المرجو الاطلاع على الملف المرفق، انقر على الصورة المصغرة، واطلع على غلاف الديوان، وعلى معلومات الكتاب والفهرس، وجديد العلامة السوسي الموجود تحت الطبع.
ملاحظة: ( يتحفنا الناشر الأستاذ عبد الوافي رضى الله في مقدمة الكتاب بصورة نادرة لوالده وهو في شرخ شبابه بمعية صديقه ورفيقه في النضال الوطني بفاس أبو الوطنية الأستاذ محمد غازي المكناسي رحم الله الجميع.)
نقلا عن مدونة الدكتور المهدي السعيدي : (خبب اليراع )