الفكر التربوي عند المختار السوسي

Home / المقالات / الفكر التربوي عند المختار السوسي
الفكر التربوي عند المختار السوسي

الفكر التربوي عند العلامة والمؤرخ الشيخ المختار السوسي

كتابة محمد ابوقاسم  وفقه الله

نشر بموقع ملتقى أهل الحديث صفحة  منتدى تراجم أهل العلم المعاصرين بتاريخ 08-02-09

اكتب عن المختار السوسي لانني عايشته، وعرفته عن كتب ، سواء في بيته باعتباري صديق ابنائه و ابن صديقه ،اوفي زاويته عندما التحقت للتعلم فيها، وتلقيت الكثير من المعارف عنه، سواء في الدروس الليلية (بين العشائين: شرح البخاري، او بعد صلاة الصبح لشرح مختصر خليل)او خلال الدروس الرسمية بزاويته، يلقنها جملة من الاساتذة كان يختارهم لذلك بمسجد باب دكالة السعدي ،اوعندما كنت ازوره رفقة والدي رحمة الله عليه، بمنزله بدرب ابن العالية بالدار البيضاء،كان رحمة الله عليه رجل تربية بالمفهوم المثالي:،يعطي القدوة الحسنة في المظهر النقي البراق،وفي السلوك المتسم بالاستقامةوالحياءوالبشاشة، والجود وما لديه إلا القليل،وبخفة الروح وسرعة البديهة والتربية عنده حياة ، ليس لها وقت محدد،لكن لها الظروف المناسبة

الفكر التربوي كمفهوم
 الفكر التربوي نتاج قناعة بان اساس الاصلاح توجيه تربوي،وإيمان بان التربية هي البنية الاساس لتكوين ابستمولوجي وسيسيولوجي،،والتربية في الفكر التربوي.. لاتتسم بالنسبية، ولا تقبل انصاف الحلول،منذ خضوعها للدراسة السيكولوجية والبداغوجية،وانسياقها في إطار التجربة والقياس،وليس الفكر التربوي وليد العصر ،ولا من مستحدثات .التطور البشري،بل يرجع الى اول عهود التكوين الاجتماعي،إذ يندرج ضمن النوازع البشريةعند تكوين اول خلية اجتماعية،أي عندما كان الاب والام يعملان على حماية النسل وإعداده للحياة،في بيئة خاصة مدفوعة بالفطرة التي فطر الله الناس عليها،وبتوالي الزمن وتطور الحياة،ازداد شعو.ر الانسان بما حوله،ونمت مدركاته واغتنى مخزونه المعرفي،ونشأت اعراف وتقاليد نقلت الى الابناء،والزموا بالحفاظ عليها،،وسنت القوانين لحمايتها،وكان الباعث على ذلك الشعور بإمكانية التطورنحو الاحسن،وإمكانية الحفاظ على المكتسبات والاستفادة منها مستقبلا،وصحب الاحساس بتحقيق النتائج اصرار على الحفاظ على هذا الفكر،
لم يكن الفكر التربوي وحيد المصدر،ولا عام الهدف،وإنما كان لكل مجتمع فكره.التربوي،انطلاقا من الاهداف التربوية التي يرمي اليها،وتمشيا مع الامكانات التي توفرها بيئته،فالفكر التربوي عند قدماء المصريين هو غيره عند الصينييين او الهنود،وهو عند الاغريق غيره عند الاسبرطيين،ومن الملاحظ أن الفكر التربوي ينمو ويتطورفي الفترات التي يقع فيها تغيير اجتماعي او نهضة اقتصديةاو انقلاب صناعي،اوحتى ازمة سياسية،لان المؤثر فيه هو توجهات الامةاو الجماعة،ومن اكبر المؤثرات ايضا التوجه الديني او الايديولوحي،وكذا الاماني القومية او الوطنيةفهذه في الغالب هي التي تحدد مستوى الاهداف المتوخات،،
عندما نطلق لفظ الفكر التربوي عند المختار السوسي نكون قد اردنا التاكيد على انه إذا كان للسلطة التربويةتوجه يتحكم في المسار ،فإن لكل فردباعتباره مسؤولا عن جماعة إحساس بالهدف، وفكر تربوي يعمل على ترسيخه في نفوس من يتعهدهم،وتطبيقه من قبل من يوجههم،ولا اريد القول من خلال هذا أن الفكر التربوي متسيب وأن كل شخص يحدد فكره التربوي ويطبقه،لان هذا الاعتقاد يسمه بسمة الفوضى،وتحاشيا لذلك عملت الامم على التنسيق بين وجهات النظر ،واتخاذ الرأي المحقق للاهداف،وربما كان من اسباب الاهتمام بالفكر التربوي أن المجتمعات قد تطورت ،وان الاهتمام بالفرد قد تزايد،وان العلوم ذات الارتباط بالانسان قد قطعت اشواطا في مجالها مما ساعد على فهم الكائن الانساني،ويسر التعامل معه،ومكن من وسائل رفع مستواه وتنمية وعيه العام،وما يشهده العالم اليوم من تطور مدين لهذا الفكر التربوي
اشرت سابقا الى ان الفكر التربوي كان فرديا فيا ول امره،ثم اصبح جماعيا تحت مسؤولية السلطة التربوية،لكن الذي تجب معرفته هوأن الثروةالمعرفية في مجاله هي خلاصة تجارب فردية،ونظريات هي نتاج مخاض، وبحث نظري قام به رجال وهبوا من القدرة والملاحظة والاستنتاج قدرا جعلهم يتميزون عن العامة،ومكنهم من طرح وجهات نظر برهنت عن نجاعتها بعد التطبيق،،فعلوم التربية من اول عهدها هي خلاصة فكر فردي،ابتداءامن سفراط وافلاطون في اليونان،الى كونتليان عند الرومان،الى الفارابي والغزالي في الوطن العربي،الى رسو وفروبل وبستلوتزي وسبنسر في الغرب الحديث ،الى غير هؤلاء ممن اغنوا مجال التربية بما أخذه الفكر الانساني واصبح جزءا من تراثه،ومادام هذا صحيحا فإن للمختار السوسي فكرا تربويا وله اهداف توخاها من وراء الخطط التي رسمها لطلابه،ومن هذا المنطلق يمكننا القول بأن للمختا ر السوسي فكر تربوي

الفكــــر الـــتر بوي عند المختر السوسي
 للالمام بالفكر التربوي عندالمختار السوسي يجب الالماح الى المقومات التي كونت هذا الفكر عند شيخنا،ولمعرفة ذلك يجب ان ننطلق من التربة التي نشأفيها والمنبع التي استقى منها ،وذلك لان أي عطاء لايمكن أن ينطلق في فضاء ميتافيزيقي،ولا من تاويلات ايتوبية،وإنما من واقع ملموس،وأثر محسوس ،ونتائج واضحة للعيان،تتحقق بها البرهنة على الطرح،وتصبح الدليل على صوابية التوجه،
إن الفكر التربوي عند المختارالسوسي هو خلاصة تجربة ذاتية وموضوعية ترتبط كل منهما بعاملين اساسين،يتجلى الاول في الحركة الديداكتيكية ضمن الاخذ والعطاء، والثاني أثناء هذا الاخذ والعطاء،ثم أثناء المماحكة والتفاعل بشكليه الايجابي والسلبي
 كانت نشأة المختار السوسي نشأة متميزة،يقول عن نفسه :(انــا ابــن زاوية)هكذا زاوية، مجردة عن العهد،وغير مخصصة باضافة،إطلاق عام،ورغم ان اللفظ العام إذا أطلق يشمل جميع افراده ما لم يخصص فإن في عمومية اللفظ هنا خصوصية ضمنية،ولنترك جدلية اللفظ اكتفاء بالطرح الافقي،:انه ابن زاوية، والزاوية عبارة عن مؤسسة تعليمية وتربوية لها مناهجها وبرامجها،تفوق في نظري كل المؤسسات التعليمية، إلا التي على شاكلتها،ذلك أن أي مؤسسة تعليمية في أي بلاد مهمتها إعداد الفرد للحياة ،لكن الزاوية تعد الفرد للحياة الدنيا، وتعلمه كيف يتجنب عذاب الآخرة ويكتسب رضى ربه، مما يجعل الزوايا في المغرب ذات خصوصيات ،ويجعل التربية في المغرب جزءا من تاريخه،ليس السياسي فحسب وإنما الاجتماعي والاقتصادي،ونجد اخبار هذه المؤسسات التعليمية الخاصة (الزوايا)في اغلب ما كتب سواء في المجال التاريخي او فقه النوازل ،او بحوث اللغة وعلوم القرآن،والدول التي حكمت المغرب استمدت قوتها في غالب الاحيان من هذه المؤسسات التربوية باسثتناء الدولة الادريسية التي اعتمدت في دعواها على صلة النسب الشريف،فالدولة المرابطية نشأت في رباط،والموحدية تولدت عن توجه مهدوي تومرتي كانت له ايديولوجيته ومناهج تطبيقها،والمرينية عندا لم تجدسندا رباطيا افتعلته،والذي قضى عليها هم الزوايا في الجنوب المغربي،كزاوية عبد العزيز القسطلي وزاوية عبد الله المدغري وهما الزاويتان اللتان مهدتا لظهور الدولة السعدية،كما أن زاوية محمد بن مبارك هي التي وجهت أنظار السوسيين عندما قرروا الدفاع عن الحدود الى الاسرة السعدية،ولقد احس محمد الشيخ السعدي بما لهذه الزوايا من قوة فعمل على القضاء عليها خوفا من سلطانها،وبالرغم عن ذلك فقد ناصرت الزوايا السوسية زيدان السعدي أثناء ثورة احمد بن ابي محلى،الذي هزم جيوش السعديين واحتل سجلماسة،ودرعة ورام مراكش العاصمة،لكن زوايا سوس وحدت صفوفها وقضت على الثورة وقائدها،[1] ونظرا للاهداف السامية التي لهذه الزوايافقد اشترطت على مؤسسي الدولة السعدية أن يكون مقابل نصرتهم العمل على تحرير السواحل المغربية من المستعمر الاجنبي،وحماية الحدود الشرقية والجنوبية،لكن لما لم تحقق الدولة السعدية هذه الاهداف المتفق عليها تحللت الزوايا من التعهد،واصبحت تقوم بدورها الذاتي لحماية البلاد،ومحاربة الاعداء وبمجرد وفاة احمد المنصور(1012/1603_)ذب الوهن في الدولة،وهدد الاجنبي الثغورفقامت الزوايا بدورها المطلوب سواء في الشمال او الجنوب ويحدثنا كتاب الدخيرة ص:97 ان الزوايا كانت تقوم بدور الوساطة بين الملوك والثوارحقنا للدماء،وإخمادا للفتن،وهناك ملاحظة جديرة بالاهتمام وهي أن أغلب الزوايا كان في الارياف تستقطب الطلبة من كل حذب وصوب،،وتلعب دورا مهما في حياة الناس،سواء من الناحية التربوية اومن الناحية الاجتماعية فهي تحل اغلب المشاكل الطارئة بين الافراد، وتهتم بتوزيع الزكوات ،وخلق التضامن والتعاون بين الجميع، ولقد خلد كثير من الباحثين قديما وحديثا دور هذه الزوايا،فالف فيها عبد الحق الباديسي (ق8) كتابه:المقصد الشريف في ذكر صلحاء الريف،وهناك كتاب المعزى في ترجمة الشيخ ابي يعزى، وإثمد العينين في مناقب الاخوة الهزميريين لابن تجلات،ولقد تميزت زوايا المغرب بكونها ليست لها حدود اقليمية، ولا إشعاعها قاصر على ربع دون ربع،ولاشيوخها لهم مناطق نفوذ محدودة، فهناك ابناء زوايا فرضوا انفسهم خارج حدود بلادهم،ولقدوجدنا جملة من ابناء الزوايا العلمية المغربيةفي مناطق خارج حدود بلادهم، ففي مصر وبالضبط في مدينة طنطا في الطريق الى الاسكندريةهناك الشيخ البدوي، وفي الاسكندرية ابو العباس المرسي وفي دمياط الشيخ فاتح بن عثمان الذي يسميه المصريون ابا المعاطي،ولولا زاوية الشيخ احمد بن ناصر الدرعي او زاوية الشيخ محمد بن بوبكر المجاطي(الزاوية الدلائية)لضاع العلم في القرن الحادي عشر كما يقول صاحب نشر المثاني،اما زاوية اسرة الشيخ المختار السوسي فقد تجاوز عملها ككل الزوايا وقتذاك العمل التربوي الى الاعداد العسكري والتنظيرالاستراتيجي،يقول الشيخ محمد المختار السوسي متحدثا عن والده:(وكان بعض ذوي منيع يكاتبون الشيخ ويسألون في المقاومةعلى الحدود التي كانت بيهم وبين الجزائر،فكان الشيخ يجيبهم بالتحريض على الجهاد،كما انه في فترة الاحتلال الفرنسي للمغرب قدمت الزاوية الالغية فرقة عسكرية صحبت احمد الهيبة الى مراكش ، يرأسها اخ شيخنا محمد المختار محمد الخليفة 1912
وسط هذا الجو ،وفي هذه البيئة نشأمحمد المختار السوسي،أب يؤطر رجال القبيلة، وام تهتم بشقائق الرجال تقرؤهن القرآن وتعلمهن اصول دينهن،جو تربوي تشبع به الشيخ ،وتمكن حتى غلب. ..
مراحل التكوين عند المختار السوسي،
 اتخذ الفكر التربوي عند المختار السوسي مسارا مضبوطا،وتدرج عبر خطوات برهنت عن توفيق من الله،ونور منه كان يشع في الدرب،كان مسار التكوين عبر المراحل التالية:
1)مـــر حلــة التلـــقي
 كانت طموحاته اكبر من أن تسعها حزون قريته،فاتجه نحو المراكز الحضرية، يدفعه نهم شديد الى المعرفة،حتى إذا أخذ منها النصيب الاوفر،واحس بانه ليس هو هو،… قال في المعسول موضحا حالة الانبهار الاولي التي تكتنف الفرد في اول دخوله، لكن بعد ان يستوعب المجال تصبح احكامه اكثر روية وواقعية ،قال حين وصل فاس لتلقي العلم:(1/14 فبدلت اخلاقا غير التي عهدت من قبل، وانا في مراكش،واحواز مراكش،فقد تلقحت في جو فاس بما لولم اتلقح به لماكانت لي فكرة،ولاتحركت لي همة،ولا نزعت نفس عزوف تقول:
 لي هـمة عالية فـذة طموحها ليس له منتهى
 لو ملكت كل الثرى لاعتلت الى امتلاك سدرة المنتهى
إعجاب بالجو في فاس ،لكنه إعجاب سرعان ما يتضح انه برق خلب، لايوازي ظاهره باطنه،انبهار اولي تخفف من حدته المقارنة، فيكتشف ان هناك مراكزإشعاعها اكثر عمقاوإن بدت خافثة،،واسرع تطورا وإن كان فيها رتابة ،فيقول:(وقد الممت بالرباط حيث احتفظت علوما وفهوما وانظارا وبحوثا لم اقع عليها إلا في الرباط، ومشايخ الرباط،) فهو يرى أن الرباط وتطوان كانتا سباقتين الى الاخذ بالتجديد،اما فاس فقد تأخرت عنهما،ولم تكن بالقرويين حركة تجديدية إلا ما كان يشيعه العلامة محمد العربي العلوي من يقظة في نفوس الطلاب نزعت عنهم الغشاوة والجمود،وجعلتهم ينظرون الى واقع بلادهم بعقول نيرة متفتحة،)
اخذ المعرفة،وتعددت منابع أخذه، واغلبها ثر صاف،يقول:(وبانتهاء تلك السنة1347/1928انقضى ما تيسر لي أن أخذه في دور تعليمي الذي امتد نحو 19سنة فترة اخذ فيها الكثير،ولم يرفض إلا ما استحق الرفض ،(اجتهدنا أن نساير العصر،وان نتفهمه فلا ننكراخذ ما لابد من أخذه،من اساليب الحضارة ونظمهاوعلومها، لان الحكمة ضالة المؤمن يلتقطها أنى وجدها)
2)مرحلــــة المخــا ض:
 ماز مكانته في الناس فرآها لاتقل عن سواهابل تزيد،فبدأ الفكر يتأرجح بين الزعامة العلمية او الزعامة السياسية،يقول:(كما نبثت في غيرة وطنية نسيت بها نفسي ومصالحي الشخصية،فأعددت نفسي فداء لوطني ولامتي التي هي امة العرب والاسلام جمعاء)وليجمع بين العلم والسياسةانشأ في فاس جمعية الحماسة وكان لها هدفان الاول التمكن من اللغة العربية والثاني التدريب على الخطابة،باعتبارها وسيلة التواصل وتبليغ الدعوة الوطنية ورسالة الكفاح فهيأنفسه للزعامتين وبالخصوص عندما انتخب رئيسا لجمعية الحماسة ،لكن طارئا ربما كان عفويانبهه كي يعيد حساباته حتى في إيمنه بالنظرة الشمولية والوحدة الوطنية،بل في اصول التكوين المعرفي والسياسي،كان زملاؤه يشهدون له بطول الباع في العلم والقدرة على لم الشعث وجمع الصفوف،وكلها مؤهلات للزعامتين ولنقرأ رسالة زميله في فاس السيد الصديق العلوي (ذكريات ص:61)(الاخ العزيز سيدي محمد المختار السوسي،غادرت فاس فغادرهاقطب اجتماعات متواصلةالجهود، ماكانت لتكون لولاك،الم تكن انت سبب الوصلة بين نشإ متحفز للمعالي،ناظرالى بعيد؟الم تكن انت الذي دعوتنا الى الاتحادة في المبدأ فكان الغازي وعلال والكتاني وهذا العبد ومكواركحلقة مفرغة يدور طرفاها،وإن ننس لاننسىجمعية الحماسة التي ترأستها……وكان ذلك هو السبب حتى حييت اللغة العربية ونبغ فيها الاخ علال وعرف الناس ماهي السيرة وإني لاعترف لك عن غيري كما اعترف لك عن نفسي،يامن لايصلح إلا لجمع القلوب على المنفعة العامة ثم ينسى هو نفسه فلا يظهر إلا بمقدار) هذه شهادة زميل للشيخ لكن الطارئ الذي ذكرت كان نبزا من زميل آخر[2] كان فضل المختار عليه واضحا في مجال العلم فقال الزميل في معرض حديثه عن شيخنا :ماهو إلا فقيه الاجرومية)اثر ت الكلمة في نفسه ،لاإحباطا ولا استسلاما،ولكن إحساسا بخيبة الامل في طرق التعليم اوقفه متأملا هذا النبزواوضح له أن في المسار خللا وأن التربية والتعليم والتوجيهات الاسلامية ترفض النبز وتوصي بتجنبه،واكتشف الشيخ ضمنياأن أي تقويم للانسان وان أي تعديل في سلوكه يجب ان ياتي عن طريق التعليم الصحيح،والتربية الحق،تربية الروح حتى تكون متواضعة،وتربية العقل حتى يؤمن بالفوارق،فآلى ان يجعل من نفسه معلما وأن يفرغ طاقاته في مجال التعليم مؤمنا ايضا(أن الممارسة التعليمية اخطر من الممارسة السياسية،وأن يزرع في نفوس طلابه روح التواضع ،ونكران الذات وعندما قرر نفد[3]
3)مـــر حلــة التخصص:
 آلى أن يجعل من نفسه معلما،اليس في الحديث:إنما بعثت معلما فخصص نفسه لهذا المجال،يقول:فقد جعلت هدفي الوحيد هو نشر العلم الصحيح وبث الفكر في مراكش)ويقول حللت بالحمراء وقد القيت فيها مرساتي وانوي أن اقضي الواجب علي لديني ولشعبي مابين تلميذ يهذب ،وبين درس ارشاد يلقى،وأنا في جانب ذاك اناغي اليراع مما عسى أن يرفع من شأن هذه الامة،من إحياء ما اندثر من ماضيها ،ومن الحفاظ على العربية الفصحىالتي اراها إذذاك في انهيار،ففي هذه المبادئ الثلاث قضيت ازمانا تكشفت عن اعمال كان فضل الله علي فيها عظيما)لكن التعليم طريقة وتقـنية وبداغوجية لم يكن لها معهد متخصص،ولا مراكز تكوين متفرغة/فاعتمد التكوين الذاتي،وآمن بان الممارسة كفيلة بتمكينه من ديداكتيكية التعليم وحدد لذلك المراقي التتلية،:
 أ)اصدار حكم قيمة على الطرق التربوية المتبعة من قبل اساتذته،ومن البدهي ان الحكم على الشيئ فرع عن تصوره، وأن الذي يريد ان يصدر احكاما يجب ان يمتلك زادا معرفيامرتبطا بالموضوع،فكانت احكامه كالتالي:قال عن شيخه عبد الرحمان البويزكارني:كان لي منه نصيب وأخذ جزاه الله بكل خير، فهو الذي بذر االبذ رة الادبية التي اثمرت لنا مانحن فيه،وقال عن الشيخ ابي شعيب الدكالي،طلع علينا السعد بطلوع الشيخ ابي شعيب الدكالي فكان ذلك في حياتي إحافة لباب وفتحا لباب آخر،فانقشعت الغشاوة،وتنبهت للتفريط العظيم الذي مر بي)وقال عن محمد بن العربي العلوي:كان مجلسه ندوة الفكر الديني الجديد ،،،ولم يفته أن المظهر له دور في التعليم فقال عن شيخه المدني بلحسني:كان استاذنا في درسه كانها العروس في منصتها بهجة )هذه الاحكام ايدها الواقع واجمع عليها الرأي فلم تكن اعتباطية ولاوجدانية،وإنما كانت ملاحظة دقيقة،وذكاء وقاد وفكر تربوي ناضج
 ب)الممارسة واستخلاص النتائج:الممارس الراغب في تكوين فكر في الموضوع يطرح السؤال ويترك التجربة تجيب ،والسؤال الذي طرحه محمد لمختار السوسي يتجلى في قوله:كنت لاادري كيف اصنع في ذلك،وما هي الطريقة التي سأسلكهالان من لم يخض بعد مخاضاقلما يدرك بادئ ذي بدء مقدار غورها ولاكيف يضع الرجل في الخطوةالاولىمنها)لكنه لما فتح المدرسة ونصب نفسه للعطاءانثالت عليه جموع الطلبة(وهكذا صار تلاميذ الجيران يزدادون شيئا فشيئا،والزاوية تستحيل مكتبا ابتدائيامن حيث لانشعر،ثم انثال علي المبتدؤون فصرت افتح مع كل طبقة ،فتكون بذلك حلق متتابعة )اعطت الممارسة ثمارها واكتسب الشيخ ديداكتيكية التعليم وتشرب الطرق التربوية المتجلية في الاخذ بالحسنى،والاقناع والترغيب ،والحب الابوي،وكان الكل لله وما كان لله دام،ولقد وضح خلاصة تجربته في قوله:(كنت آخذ كل مبتدئ بالملاطفة والمساهلةحتى استأنسوا بالقراءة)_(والشهادة لله فقد كان كذلك ولمست هذا حقيقة منه)كان يعتمد الطريقة السقراطية ،وكانت تعجبه طريقة ا لرواقيين، إذ لاحظت أنك وانت تمشي معه تحس انك في فصل دراسي بطريقة لاتشعرك \ بحرج ولاتضيع عليك متعةالفسحة[4] وجعل نفسه معلما اينما كان في الحل والترحال ،,في الطريق يعلم رفيقه في السجن علم زملاءه، وعلم الناس في منفاه كان رفاقه في منفاه الاخيرمن نوابغ الفكر الوطني خريجي القرويين ،واعلام ألثقافة ،واختاروه معلما لهم، واصبح مدرسة تربوية لها خصوصيتها يقول:(ولمعرفة الناس هنا بكلفي بالتعليم كان كل واحديقترح علي درسا خاصاحتى الاستاذ محمد الفاسي اقترح ان نمر بالقاموس كما اقترحه الاستاذ الكتاني،….وكذلك اقترح علي مصطفى المشرفي الولوع بكل استفادة أن اقرأ معه فنونا من النحو والصرف واللغة والادب،وكان يظنني دائرة معارف) ولبراعته في التعليم وتمكنه من طرق التوصيل نقرأ:(ولذلك اجبت المحمدي على درس خاص يقترح الاينقطع لزعمه انه يستفيد منه كثيرافكانه سر بماعرف في التعريف وفي الاصول بعد ان كان افتتح مع استاذ كبير (ارشاد الفحول)فلم يهتد ذلك الاستاذ مع معارفه الجمةالى ماهو سر الصناعة في التعليم، فاتيت الرجل توا من صميم العلم لامن مقدماته،[5]ولقد بلغت ثقةالشيخ بنفسه واعتزازه بقدرته على التبليغ أن قال:(والله لوكان لي في هذا المعتقل رأي وحدي لخرجت في العربية هؤلاء تخريجا يضرب به المثل)وباعتباره ابن زاوية ورجل تعليم فقد كان من همه ان يحقق دور الزاوية فلا يقتصر عمله على الاعداد للدنيا وإنما للاخرة ايضا،كان رفاقه في المعتقل يبدأؤن صباحهم بالتمارين الرياضية حريصين عليها،وهولا يعارض ذلك لكنه كان يفضل الجمع بين الاهتمام بالذات والاهتمام بالروح ،والعناية بالدين الذي خلقت الاجسام من اجله،فقال:
 يامن يبكر للـــرياضة هل تــــبكر للصلاة
 ذي للحيـاة فما تعده للذي بعد الحــــيـــاة
 هاتوا الرياضة والصلاة معاتكونوامن الهــــداة
نجح المختار السوسي في مجال التعليم،وكان شعاره(الممارسة التعليمية اخطر من الممارسة السياسية)وكان يرى أن الجهل اقوى عدو للشعب،إذا قضي عليه قضي على كل مغتصب ومن شعره:
 لتسقط على الارض السماوات ولتقم قيامة شعبي فالهلاك ولا الجهل
وكان شعاره في الوطنية: (وطنيتي من ديني وليس ديني من وطنيتي)كان مدرسة تربوية، ترسل إشعاعها في كل اتجاه ،نجح في التعليم،نشرافي مدرسته ،وبعثا في المدارس التي اشرف على إنشائها في الجنوب ،ولنستمع للحاج احمد معنينو_( من خلال

[1] بزعامة يحي الحيحي كانت زاويته بجبال الاطلس انظر نزهة الهادي للوافراني ص:208

[2] علال الفاسي

[3] زرته في بداية الاستقلال واثناء حيثنا سالني ماذا يروج في مراكش فقلت له /ان الكثير يعتقد انك ستعين رئيسا لكلية ابن يوسف،فأجابني ببسمته المعهودة وبتواضعه الجم قائلا/ او ما لقاو للي يكون رئيس غير هذا الشليح وفي اليوم التالي عين وزيرا للاوقاف

[4] كان من عادة الشيخ ان يقوم بجولة بعد صلاة العصر في عرصة الحامض القريبة من سكناه قبل ان تصبح كلها مباني ،وكان له رفيق في هذه الفسحة وهو السيد محمد بن ادريس الخياط،وكان رجلا فاضلا اطال الله عمره _(،كان له علي فضل وانا فتى يافع احضر دروس البخاري بين العشائين ودفتري بيدي لتسجيل ما يمليه الشيخ فكلما فاتتني عبارة اوبيت شعر كان منجدي فيها السيد محمد بن ادريس الخياط)فإذا غاب حللت محله في كثير من الاوقات فاصحب الشيخ في فسحته واتمتع خلالها بدرس مبسط لااشعر فيه برتابة اوملل او حشو

[5] معتقل ص:208