المملكة المغربية
رابطة علماء المغرب
فرع إقليم تزنيت
الحلقة الثانية عشر
خطبة الجمعة
فضيلة الإمام السيد بن عمرو
خطيب مسجد أهل فاس بالمشور السعيد
ألقيت هذه الخطبة بمسجد القدس بتزنيت
تزنيت 10 و 11 شعبان 1402
الموافق 3 و4 يونيو 1982
الخطبة الألى
الحمد لله، الحمد لله فيوم الأرض والسماء بواسع الفضل والعطاء، يهب لمن يشاء ما شاء، لمواهب العز والاصطفاء، نحمده تعالى على مالهم، ونشكره على ما وفق وانعم، ونشهد انه الله لا إله إلا هو وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله القائل عن نفسه، إنما أنا رحمة مهداة، صلى الله عليه وسلم، وشرف وعظم، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى ان تقوم الروح لرب العالمين.
فيا أيها الأخوة المؤمنون، في هذا اليوم السعيد وقد لاحت في الأفق أنوار شهر الصيام والرضوان، شهر المغفرة والقرآن، جئنا إليكم أيها الأخوة المؤمنون، يا سكان الإقليم السعيد، نحمل إليكم التحييات الطيبات الزكيات والرضى الصابغ الشامل، من أمير المؤمنين وحامي حمى الوطن والدين، جلالة الملك الحسن الثاني أيده الله ونصره، وخلد في الصالحات ذكره.
جئنا نحمل إليكم هذه النفحات الطيبة، في مناسبة غراء سعيدة، تحيونها إجلالا وتقديرا واعترافا بالجميل، لعلم من أعلام الإسلام وعلم من أعلام أمتنا الإسلامية وعلم من أعلام المغرب، ألا وهو المغفور له المرحوم بكرم الله سيدي محمد المختار السوسي رضوان الله عليه، ولن أتحدث إليكم أيها الإخوة المؤمنون عن علم هذا الرجل ولا عن حياته السياسية ولا عن تضحياته الوطنية، ولا عن حياته الاجتماعية فذلك لا يحتاج إلى دليل، كالنهار الذي نشاهده بأم العينين، ولكني سأتحدث إليكم أيها الأخوة المؤمنون، في كلمات معدودات عن سر عظيم لمسته في هذا الرجل الجليل لأول لحظة ولأول نظرة نظرته فيها، إنه سر إلاهي،
إنه جاذبية ومغناطيس، منحه الله لهذا الرجل، فكان كلما اجتمع به إنسان إلا وسكن في سويداء قلبه، واحتل في قلبه مكانة،لا يغادرها أبدا، عاشرته ولمست فيه هذا في ظرف يسير من الزمن عند ما كان على رأس وزارة الأحباس، فشاهدت فيه ذماثة الأخلاق، تجلت فيها الشمائل النبوية في كل نظرة من نظراته، وفي قسمات وجهه، فأيقنت أن الرجل أحبه الله فزرع حبه في القلوب، وأيقنت وازددت يقينا أنه من تلك الزمرة الصالحة التي متى توفرت فيها تلك الأخلاق الحميدة والشمائل المحمدية، كانت محبوبة إلى رسول اله صلى الله عليه وسلم، وكانت أقرب الناس منه مجالس يوم القيامة، وفي عرسات النعيم، في جنان الخلد، إن شاء الله تعالى. عند ما قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجالس يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا، الموطؤون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون”.
نعم أيها الأخوة المومنون: عشنا في هذا الإقليم السعيد يومين سيبقيان خالدين في ذاكرتنا ما امتدت حياتنا إلى ما شاء الله، شاهدنا فيها من المآثر ومن المشاريع ومن التسابق في ميدان البر والإحسان، والمشاريع العمرانية ما أزادنا يقينا على أن هذه الأمة ولله الحمد لا تزال بخير، شاهدنا تسابقا في التحبيس وبناء المساجد وإنشاء الطرق وإنشاء معاهد للتعليم، كل ذلك ازددنا به يقينا بأن هذه الأمة لا تزال بخير، وانه كما قال الصالح الأمين، لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الخير، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله فبارك الله فيكم يا أهل سوس، بارك اله في سكان هذا الإقليم، في عماله وعلمائه، في التجاوب وهذا التعايش وهذا التمازج الذي يوجد بين الحاكمين والمحكومين بين الرعايا والمواطنين، وبين من ولاهم الله شأنه، هذا التعايش الذي نادى به جلالة الملك والذي هو أساس ما نرجوه، لأننا من نهضة وعلو وارتفاع وعلو شأن في سائر الميادين.
أيها الأخوة المؤمنون: قبل أن نفترق وأن يمضي كل واحد منا إلى سبيله لا بد أن نتوصى بالحق، وأن نتعاهد في هذا اليوم المشهود، الذي لا شك أن ملائكة الرحمان تشهده وأن رحمة الله تنزلت علينا وحفت بنا، لا بد أيها الأخوة المؤمنون ونحن نفترق بعد حين ونرجع إلى أهلنا مسرورين ان نتعاهد أمام الله عز وجل أن نظل جنودا مجندين، إسلامنا ندافع عنه ونعض عليه بالنواجذ، لأن بالإسلام كنا أمة ذات كيان وبالإسلام وحد الله شملنا، وجمع شتاتنا، وبالإسلام انتصرنا في كل المعارك، وبالإسلام قمنا في كل العثرات، وأن هذا الإسلام هو الكفيل بأن يزودنا بالطاقات لنخوض ما لا يزال أمامنا من عقبات، والله ولي الهدى والتوفيق.
نعاهد الله أيها الأخوة المؤمنون: أن نظل كتلة واحدة متراصة أمام ملكنا الهمام وقائدنا الملهم جلالة الملك العظيم، مولانا الحسن الثاني الذي يخط أمامنا سبيل النجاح وسبيل النهضة الحقة، ولينصرن الله من نصره: إن الله لقوي عزيز الذين إن مكنهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عقبة الأمور.
اللهم يسرنا لطاعتك واشرح صدورنا لمحبتك، واجعلنا من المخلصين الذين دافعوا عن الحرية والاستقلال، حتى نصونها كما تجب الصيانة، ونرعاها كل الرعاية وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله، أحمده، وأستغفره، وكفى بربك هاديا ونصيرا ونشهد أنه الله لا إله إلا هو وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وشرف وعظم وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فيا أيها الإخوة المومنون: إن أجل وأعظم وفاء ندخله على أرواح صلاحائنا وعلمائنا وأجدادنا لهو في التمسك بالإيمان الصادق والإسلام الراسخ وتجمع بين الإيمان عملا صالحا، فإن الله سبحانه وتعالى قال: لنبيه صلى الله عليه وسلم وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد، أفائن مت أفهم الخالدين؟ كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور.
فمن كان يرجو لقاء ربه فيرجو أن يكون لقائه مع ربه لقاء مفرحا لا حزن بعده لقاء مرضيا لا سخط بعده، فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.
ولنجعل مسك الختام صلاة وسلاما دائمين مستمرين بدوام ملك الرحمن على نبي الهدى والرشاد، على نبي أرسله الله رحمة للعباد، سيدنا محمد بن عبد الله عليه أزكى صلوات الله، اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آله سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الكرام والحنفاء، ساداتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن بقية الصحابة أجمعين خصوصا الأنصار منهم والمهاجرين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وانصر اللهم أمير المؤمنين وحامي حمى هذا البلد الأمين جلالة الملك الحسن الثاني، اللهم انصره نصرا تجمع به كلمة المسلمين وتعز به الوطن والدين، اللهم احرصه بعينك التي لا تنام، وأحطه برعايتك التي لا ترام، فإنك أنت الله القوي وأنت المعين اللهم حقق رجاءنا ورجاء جميع المسلمين فيه بتحرير فلسطين، وتحرير القدس الشريف، يا أرحم الراحمين يا رب العالمين، اللهم أر مولانا أمير المؤمنين في فلذات أكباده وخصوصا ولي عهده المحبوب وشقيقه السعيد المولى الرشيد اللهم أره فيهما وفي سائر أفراد أسرته ما يسره ويثلج صدره ويقر عينه يا أرحم الراحمين، اللهم خذ بأيدينا إذا عثرنا واستر علينا إذا افتقرنا وارزقنا الألفة وارزقنا المحبة وارزقنا نفحات رب الكريم، يمن بالخير ويثبت عليه الثواب الجزيل نرى لزاما علينا بل دينا في أعناقنا أن يمطر شآبيب الرحمة والغفران، والرضى والرضوان على تلك الروح الطاهرة التي قضت حياتها مناضلة وكمجاهدة من أجل إعلاء كلمة هذه الديار، وتحقيق العزة والكرامة لأهلها روح مولانا محمد الخامس رضوان الله عليه، اللهم اجعلها واجعل أرواح جميع الشهداء لديها في أعلى عليين، مع الذين أنعمت عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
ويغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين أمين.
فضيلة الإمام السيد بن عمر
خطيب مسجد أهل فاس بالمشور السعيد
ألقيت هذه الخطبة بمسجد القدس بتزنيت
يوم الجمعة 11 شعبان 1402