الدرس الأول: توجيهات دينية عامة

Home / دروس صوتية / الدرس الأول: توجيهات دينية عامة
الدرس الأول: توجيهات دينية عامة

الدرس الأول: توجيهات دينية عامة. (5:00 د)

من الدروس الصوتية المقدمة بالشلحة قام بترجمتها إلى العربية الأستاذ الباحث الحبيب الدرقاوي

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إخواننا (الشلحيين)، استجابة لنداء الواجب؛ سيكون لي معكم لقاء خلال هذا الشهر المبارك إن شاء الله، لأزودكم ببعض التوجيهات الدينية، فإنه لا سبيل إلى تحصيل السعادة في الدارين إلا بامتثال التعاليم الدينية، وإنه قد كان أجدادنا (الشلحيين) من الغافلين الجاهلين، ولم يكونوا على الصراط القويم، إلى أن جاءهم دين الإسلام، فعرفوا الحق من خلاله، فأنار قلوبهم، ومهد الله لهم بهذا الدين كل السبل والطرق، فمنذ أن وَفَد الإسلام على بلدنا هذا، كنا رجالا منذ ذلك الحين، كذلك كنا في الماضي، ونحن اليوم كذلك، وكذلك سنكون في الغد، فنكون فردا في زمرة المؤمنين.

والآن وقد أقبل علينا شهر رمضان، وهو ضيف من الله تبارك وتعالى، فيجب أن نقابله كما يستحق، وما ذلك إلا بامتثال ما نحن مطالبين به، فها هو المطلوب من المسلم؟.

إن غاية المطلوب من الإنسان المسلم أنه كما أمسك عن شهوة بطنه من أكل وشرب، وعن شهوة الفرج، فكذلك يتحتم عليه كف لسانه وصونه عن كل الأمور الدنيئة، ففي الحديث الشريف: »مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلاَ حَاجَةَ لِلَّهِ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ«، فالصوم الحقيقي هو أن يمسك المسلم بكل جوارحه، أي: أن يكف عن كل ما هو سيء، وليس مجرد ترك الأكل والشرب فقط، وإلا فليتفكر الإنسان ولينظر في حال البهائم، فما الفرق بينك أيها الإنسان وبين تلك البهائم؟، فكليكما يأكل ويشرب، فأنتما على حد السواء من هذا الجانب، لكن أنت أيها الإنسان قد فُضّلتَ بالعقل، ذلك العقل الذي منحك الله تبارك وتعالى إياه، فهذا العقل هو المخاطب فيك أيها الإنسان، وهذا العقل هو الباقي،بعد فناء الجسد، فبذلك العقل فُضلتَ واخترتَ، بخلاف سائر البهائم فلا عقل لها، فإذا نفقت نُسيت.

إن هذا الشهر المبارك يتأكد فيه الصوم عن الحلال، فيحسن فيه أن يشغل المرء نفسه، ويعمر وقته في الأمور التي تعود عليه بالصالح، ويشغل نفسه في تحصيل أسباب معيشته، فإن أفضل العبادات: أن يصلي الإنسان خَمْسَه، ويصوم رمضانه، وأن يسعى في كسب معايش عياله، ففي الحديث الشريف: »إِنَّ مِنَ الذُّنُوبِ ذُنُوباً لاَ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ، وَلاَ الصِّيَامُ، وَلاَ الحَجُّ، وَلاَ العُمْرَةُ، وَلَكِنْ يُكَفِّرُهَا الهُمُومُ فِي طَلَبِ المَعِيشَةِ«، فإن السعي في الكسب الحلال أشرف الأعمال، ولله الحمد كلكم تفقهون ذلك وتَعُونَه.

ومما يجب علينا كذلك؛ الحرص على عمارة المساجد، وأداء التراويح كما هو متعارف عليه في بلدنا، والمواظبة على ختمات القرآن العظيم كما هو جار به العمل أيضا، فإنه يتأكد علينا أن نلزم جماعة المسلمين، فإنه من قبل كانت الفتنة والصراعات، فقتل من قتل في سبيل الله، وقام الكل قَومة واحدة، فما كان قصدنا لَمَّا حاربنا إلا من أجل أن نحقق معنى الإسلام الحق، فعلى الإسلام نحيا اليوم، وعليه نعيش إلى الأبد، فالله قد رزقنا ملكا مسلما مجاهدا، فوجب علينا نحن أيضا أن نكون كذلك، فجزى الله الجميع خيرا.    

ثم اعلموا أن القول الطيب لا ينقطع أثره، والفعل الخيّر لا يذهب خَبَرُه، ولَنا عبرة وأسوة في الصالحين الذين قد سلفوا؛ أمثال: سيدي (أحمد بن موسى)، وسيدي (سعيد بن عبد النعيم)، سيدي (محمد بن إبراهيم الشيخ)، وأمثال سيدي (أحمد أُوتمكيلجت)، وأضرابهم، فَبِمَ فُضلوا؟؛ لم يفضلوا إلا باتباعهم طريق الله المستقيم، والدين القويم، فكونوا إخوانَ الله متلاحمين متحدين، فإن من حسن العهد لدينكم ارتياد المساجد وعمارتها، ومن حسن عادتكم الالتفاف حول الفقهاء والعلماء ابتغاء الاتعاظ والرشاد، فمن صادف ذلك فليُقْدِم عليه، وليواظب عليه، ومن لم يظفر به فلينظر في أسبابه، فإن لكل شيء سبله وأسبابه، فعليكم بدينكم، وجِدّوا فيه، فإن الله قد حباكم بعقول صالحة نيرة، ومنحكم حالا طيبة زاكية، فالكل باق على ودكم واحترامكم وحبكم -مخاطبا إخواننا الشلحيين-، والكل مجتمع على امتثالكم الدين القويم، فعليكم بالجد والعزم والحزم، فإن من سبقنا من إخواننا المسلمين الذين حاربوا وجاهدوا حتى بلغونا هذا الدين الحنيف، لم يأتوا به إلينا بالسهل اليسير، ولكن بذلوا  الغالي والنفيس، يذودون عنه بكل ما أوتوا من القوة؛ ينصبون الأئمة والفقهاء، ويعلمون أبنائهم، ويربونهم على دين الله، حتى أسلموه لنا مقوما لا عوج فيه، فالأمانة الآن بين أيدينا، فلنحذر كل الحذر من تضييعها، فَخَلَفُنا غدا من بعدنا إما أن يترحموا علينا، أو يقولوا: لا رحمهم الله، فما علينا الآن إلا أن نُشمّر على ساعد الجد، ولا نَتَمَثّل قول بعض الجهال: (ما نَفْع هذا الدين؟)، نعوذ بالله من قولهم، فإن من لا دين له، كمن لا بصر له، فكيف يَتَقَدّم من لا نُور له، فكذلك من لا دين له.

أعانكم الله، وإنني إن شاء الله سأكون على اتصال بكم خلال هذا الشهر المبارك، وقتما تيسر ذلك، لأحدثكم عن بعض أخبار النبي صلى الله عليه وسلم،  حسب المستطاع، وذلك لتكونوا على اطلاع وعلم بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم.

وفقنا الله وإياكم، وأعاننا، وجعلنا من المسلمين، وختم أعمالنا بالإيمان والإسلام.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.