صدرعن مطبعة المعارف الجديدة بالرباط، كتاب جديد من تصنيف الكاتب المحقق، رضى الله عبد الوافي المختار السوسي، سماه “لب الفوائد فيما قيل في تأبين العلامة رضى الله محمد المختار السوسي من كلمات وقصائد”، وذلك بمناسبة مرور خمسة عقود على وفاة هذا العلامة الكبير، والمؤرخ الجليل، الذي خلف نبأ وفاته ـ في حينه ـ حزناً عميقاً لدى جميع المغاربة، لما كان يتصف به، رحمه الله، من جميل الصفات، وكريم الأخلاق، ومزايا لا تعد.
وقد أقام علماء وأدباء المغرب بمسرح محمد الخامس بالرباط يوم 29 دجنبر 1963م، حفلا تأبينيا بمناسبة مرور أربعين يوما على وفاته، ألقوا فيه كلمات نثرية وقصائد شعرية، رثوا فيها الفقيد، وأعربوا فيها عن مشاعرهم، وأبانوا فيها عن المكانة التي كان يحتلها العلامة المختار السوسي في قلوبهم، فذكروا العديد من مناقبه، وأبرزوا الكثير من فضائله، ما يرشدك ـ عند مطالعتها ـ إلى أننا أمام إحدى الشخصيات المتميزة التي عرفها المغرب، وشرُف بأن ترعرعت فوق أرضه، وتنسمت هواءه.
كان من بين المؤبنين الملك الراحل الحسن الثاني ـ رحمه الله ـ، ألقى كلمته بالنيابة عنه المؤرخ عبد الوهاب بن منصور، وكان الذي يرأس جلسة التأبين الشيخ العلامة إدريس الكتاني، ومِمّن شارك في فعاليات هذا الحفل فألقوا كلمات نثرية: العلامة عبد الله كنون، العلامة عبد الرحمن بن محمد البار الكتاني، العلامة محمد المنوني، العلامة إبراهيم الكتاني، العلامة عبد الله الجراري ـ رحمهم الله ـ وغيرهم من رجال الفكر والأدب.
أما أصحاب القصائد، فكان منهم: العلامة الحاج عثمان جوريو، العلامة الحاج أحمد بن شقرون، والكاتب الأديب عبد اللطيف خالص، وغيرهم ـ رحمهم الله ـ.
وإنّ عناوين الكتاب لمتنوعة، ويضم في طياته العديد من الوثائق والصور التي تنشر لأول مرة، كما تجدُ فيه رسائل التهاني التي توصل بها العلامة المختار السوسي بُعيد إصابته في حادثة السير التي توفي بعدها بأيام، إضافة إلى رسائل التعازي التي توصل بها أبناؤه وأفراد أسرته بعد وفاته، وفيه ترى بعض ما نُشر على صفحات الجرائد والمجلات من نعي للعلامة، وكلماتٍ للتعزية، وصورا لبعض حفلات التأبين التي أقيمت له ببعض المدن المغربية.
وقد أضاف مُصنّفه، عبد الوافي، زيادةً على ذلك، إثراءً للكتاب، رسائل مخطوطة أرسلت لوالده من طرف علماء ومشايخ، فتجد من بينها رسالة بعث بها إليه الشيخ العلامة المحدث المدني بن الحسني، وأخرى من الشيخ العلامة المحدث محمد المنتصر الكتاني، وثالثة من الشيخ العلامة المؤرخ النقيب عبد الرحمن ابن زيدان وغيرهم ـ رحمهم الله ـ .
كما تقرأ فيه بعض خطب ومقالات وقصائد للعلامة المختار السوسي، كقصيدته في ملك الحجاز آل سعود، وترى بعدها جواب شاعر الملك الخاص أحمد الغزاوي عليه.. وما أحلى خطبته التي ألقاها أمام الملك الراحل محمد الخامس ـرحمه الله ـ ، والتي تتحدث عن المسجد، وقد دعا فيها إلى أن يكون القرآن الكريم قانونا للحياة لأنه الدواء لما تعرفه الأمة من الداء..
فيجد القارئ نفسه كأنه في نزهة في تاريخ المغرب، حينَ يُلاحظ تلك الصور المنثورة في ثنايا الكتاب، ويزداد الناظر فيه لطافة لما يطالعه في صفحاته من قصائد شعرية رقيقة، أما الفوائد العلمية فإنها تُثري قاموسه المعرفي، وهي فيه كثيرة.
قرظ للكتاب الشيخ العلامة الدكتور حمزة بن علي الكتاني، والأستاذ الدكتور المهدي بن محمد السعيدي، وعدد صفحاته تقارب الستمائة صفحة، وقد كان لي شرف المساعدة في تهيئته، فازددتُ بذلك معرفة بهذا العالم الجليل ومحبة فيه وافتخارا به وقربا منه.
فرحمة الله عليه رحمة واسعة، والحمد لله رب العالمين.
يوسف أبجيك