الدرس السابع:شرح حديث أبي هريرة:
»أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ، لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ…«. (5:22 د)
من الدروس الصوتية المقدمة بالشلحة قام بترجمتها إلى العربية الأستاذ الباحث الحبيب الدرقاوي
السلام عليكم
مساء سعيدا؛
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: »أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلاَثٍ، لَمْ أَتْرُكْهَا، وَلَنْ أَتْرُكْهَا مَا حَيِيتُ: رَكْعَتَيْ الضَّحَى، وَصِيَّامَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ«.
قال سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه، -صحابي النبي صلى الله عليه وسلم-: قال: أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة أمور، ما تركتهن منذ أوصاني بهن، ولن أتركهن ما حييت؛ ثلاثة أمور:
أولاهن: أن أصلي ركعتي الضحى.
ثانيتهن: أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر.
ثالثتهن: ألا أنام إلا بعد صلاة ركعة الوتر.
ثلاثة أمور: ركعتا الضحى، ثلاثة أيام من كل شهر، ثم صلاة الوتر قبل النوم.
قال سيدنا أبو هريرة: أوصاني بهن النبي صلى الله عليه وسلم، فما تركت العمل بهن منذ أوصاني بهن، ولا أنوي تركهن أبدا.
الوصية الأولى: ركعتا الضحى؛ فأجرهما عظيم جدا؛ قال صلى الله عليه وسلم: إن للجنة بابا لا يدخل منه إلا من داوم على صلاة الضحى، فأجرها عظيم، فمن كان في استطاعته ومقدروه ألا يدعهما أبدا.
وصلاة الضحى من قبيل النوافل، لكن ثوابها جزيل، ومن النوافل كذلك: أربع ركعات قبل صلاة الظهر، وأربعا بعدها، وأربع قبل صلاة العصر، وست ركعات، أو أربع، أو اثنتان، عقب صلاة المغرب، وكذلك صلاة التراويح إذا تسير المداومة على أدائهن، وكذلك ركعتي الفجر، ففي الحديث: »رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا«، فأجرهما كبير وعظيم جدا.
إذن؛ هذا فيما يخص ركعتي الضحى.
أما الوصية الثانية: صوم ثلاثة أيام من كل شهر.
أن يداوم المرء على صيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ صوم يوم في العشرة الأولى من الشهر، ويوما في العشرية الثانية، ويوما في العشرية الأخيرة من الشهر، على قدر همة المرء، فالإتيان بالأعمال الصالحة من الأمور المستحسنة، فالصوم من أفضل الأعمال الصالحة، فكل يوم صمته يذكرك أيام رمضان، ويذكرك الصلة بينك وبين الله تبارك وتعالى.
فهذا صيام ثلاثة أيام من كل شهر.
وأما الوصية الثالثة: أن يوتر المرء قبل النوم.
إذا فرغ المصلي من أداء صلاة العشاء، يصلي ما تيسر له من الأشفاع، ثم يوتر.
وركعة الوتر ممتد وقتها إلى قبيل طلوع الفجر، فمن كان دأبه أن يصلي النوافل من الليل، فمن الحسن أن يؤخر الوتر إلى أن يتم نوافله، إن من كان يواظب على قيام الليل، فإنه يؤخر الوتر إلى آخر النوافل، أما من خشي أن يفوته قيام الليل، أو لم يكن من عادته القيام ليلا -كما هو العادة عند البعض-، فإنه يصلي الشفع والوتر قبل أن ينام.
ولا ينبغي للمرء أن يبخس قدر النوافل؛ فالنوافل هي السور الحامية للفرائض، فإنّ من لم يزل ديدنه التفريط في النوافل، فهو سبيل لا محالة إلى التفريط الفرائض.
ومن الواجب على المؤمن -على قدر المستطاع- أن يجعل بيته موطنا للخير، والمرأة أن تتنفل في بيتها خير لها من المسجد، فمن استطاعت أن تؤدي الصلوات المكتوبات في المسجد فذلك خير، -ولو أن في عرفنا أن نكر الناس صلاة المرأة في السجد-، ففي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن خير نوافل المرأة في بيتها، أما المكتوبة ففي المسجد.
لقد كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن تصلي النساء في الصفوف الأخيرة من المساجد، وأن يصلي الرجال في الصفوف الأولى، ولكن في الوقت الراهن لم يعد النسوة يحضرن الصلوات في المساجد، حتى إن من جَهْل البعض أن يظن أن النساء غير مرخص لهن بالصلاة في المساجد، وهو ظن خاطئ؛ فالمسجد سواء فيه الرجال والنساء، على أن يفرق بين النساء والرجال، فالنساء يصلين خلف الرجال، والرجال في الصفوف الأمامية خلف الإمام، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: »لاَ تَمْنَعُواْ إِمَاءَ اللهَِ مَسَاجِدَ اللهِ«؛ أي: لا يحول الرجل دون المرأة والصلاة في بيوت الله.
إن المرأة إذا حفظت فرائضها، ونوافلها، وسعت في رضا زوجها، ورعاية أبنائها، فقد حازت الأجر كله، حتى إذا أطعمت الدواب والبهائم، أو اعتنت بأمور بيتها، فكل ذلك تؤجر عليه، والمرأة التي تخشى الله تعالى فتلك خيار النساء.
جعل الله بناتها صالحات، وجعلهن من السعيدات، ووفقنا الله وإياكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.